الدعم المالي الذي تحدث عنه بيسلي، هو جزء من برامج الدعم، التي يقدمها برنامج الأغذية العالمي، ويأتي على شكل منح مالية تُضاف على قسائم الشراء التي يستخدمها اللاجئون، ويستفيد أكثر من 450 محل بقالة وسوبرماركت في لبنان من هذا الدعم، بعد تعاقدهم مع البرنامج، ليتم اعتبارهم جزءاً منه. ولم يخفِ المسؤول الأممي تحفظاته على هذا المشروع في بدايته، خوفًا أن يصل التمويل لـ"المتطرفين"، قبل أن يثبت الفائدة الكبيرة له، موضحًا: "في البداية كان لدي تحفظات على تقديم تحويلات نقدية للاجئين، وتساءلت عن فعالية هذه التحويلات، التي من الممكن أن تصل إلى أشخاص متطرفين، لكن اليوم أصبحت مؤمناً جدًا بفائدة هذا الدعم".
بيسلي أشار إلى أن النقاد في لبنان طالبوا بـ"قطع الأموال" عن اللاجئين السوريين، ليرد أن هذا الدعم يحمل العديد من الفوائد على الاقتصاد اللبناني نفسه: "تُستخدم ثلث الأموال المقدمة لشراء المنتجات المزروعة محليًا، والثلث الثاني يُستخدم داخل الاقتصاد اللبناني، بينما الثلث الأخير فقط يأتي على شكل منتجات قادمة من السوق الدولي".
معهد عصام فارس للسياسات العامة والشؤون الدولية، في الجامعة الأميركية في بيروت، أصدر في كانون الثاني/يناير 2018، دراسة عن حقائق رقمية عن أزمة اللجوء السوري، من بينها الفوائد التي اكتسبها الاقتصادي اللبناني، الدراسة أشارت أن كل دولار أميركي تم إنفاقه في الاقتصاد اللبناني لدعم اللاجئين السوريين كان له مضاعف اقتصادي (الأثر الكلي لنفقات المعونة الإنسانية على مجموع الطلب المحلي)، يبلغ 1.6 دولار أميركي. أي أن قيمة حزمة المساعدات التي قُدمت للبنان منذ عام 2011 وحتى بداية عام 2017، والتي كانت قيمتها 1.258 مليار دولار قد ضخّت في الواقع 2.01 مليار دولار في الاقتصاد اللبناني.
غياب المخيمات الرسمية للاجئين السوريين، دفع معظمهم للتوجه لاستئجار المنازل في المدن والبلدات اللبنانية. تقول الدراسة أن 80 في المئة من اللاجئين السوريين يدفعون قيمة إيجاراتهم بأنفسهم، وقد أنفقوا 378 مليون دولار خلال عام 2016، أي أكثر من 1 مليون دولار يوميًا. وهو ما انعكس إيجابًا على الاقتصاد اللبناني ودفع العديد من المنظمات الدولية لتمويل هذه النوعية من خطط الدعم، كما أن أكثر من 87 مليون دولار هي قيمة العقارات التي اشتراها السوريون في لبنان، خلال الفترة نفسها، وهو ما يمثل 14 في المئة تقريبًا من قيمة العقارات التي أشتراها الأجانب في لبنان، بالإضافة إلى 73 مليون دولار تم استثمارها في 240 بلدية واتحاد بلديات، في جميع أنحاء لبنان، في العام ذاته، بهدف تعزيز الخدمات، كنوع من الدعم للمساعدة في تحمل أعباء اللاجئين السوريين.
بين عامي 2011 و2014، تم افتتاح العديد من الشركات، بالقرب من مخيمات اللاجئين السوريين في لبنان، بهدف تقديم الخدمات لها. تشير الدراسة أن ما يقارب 84 في المئة من هذه الشركات الجديدة التي تم إنشاؤها، تعود ملكيتها إلى لبنانيين. كما أن تعزيز قدرات الحكومة اللبنانية لمواجهة أزمة اللاجئين ساعد على توفير 772 فرصة عمل للبنانيين داخل الإدارات الرسمية اللبنانية. وتقول الدراسة أن هذا التوظيف لم يكن ليتم إلا بفضل التمويل الذي قدمه المانحون الدوليون، وقد تم توسيع نطاق الدعم المقدم إلى ثلاث مؤسسات رئيسية هي وزارة التربية والتعليم العالي وشبكتها من المدارس الحكومية، وزارة الشؤون الاجتماعية وشبكتها من مراكز التنمية الاجتماعية، واتحادات البلديّات في جميع أنحاء لبنان.
المركز استخلص في نهاية الدراسة، بعد استطلاع للرأي أُجري في صيف 2016، حول تصوّرات اللاجئين السوريين الذين يعيشون في لبنان أن 96 في المئة من 1200 مستطلع قالوا أنهم سيعودون إلى سوريا إذا "عادت المياه إلى مجاريها". وهو ما يتقاطع فعلًا مع تصريحات بيسلي، التي تؤكد أن العودة إلى سوريا تُعتبر أولوية وهدف لمعظم اللاجئين السوريين.
اعتبار اللاجئ السوري هو المتسبب في الازمة الاقتصادية اللبنانية، يبدو أشبه بـ "الشماعة"، التي وجدها المعنيون والمتهمون بالفشل الاقتصادي، حلًا لتعليق فشلهم عليها. صحيح أن اللجوء السوري ألقى بظلال سلبية على جميع دول الجوار، لكنه حمل معه فوائد اقتصادية لمجتمعات هذه الدول. الفائدة المُثبتة بالمعطيات والأرقام. وفي علم الاقتصاد عندما تُوضع الأرقام في كفة الميزان أمام التصريحات السياسية، تُصدّق الأرقام ويُكذّب السياسيون.