-->

14‏/10‏/2019

هل يحتدم الصراع على شرق الفرات بين تركيا وروسيا ؟



إلى أين تمضي معركة شرق الفرات ؟

عسكريا:
تقدم واسع اليوم للجيش الوطني السوري
، حيث سيطر على مدينتين مهمتين وهما تل أبيض وسلوك، كما وصل وقطع استراد القامشلي-حلب (M4)، وهي مسافة لاتقل عن 30 كم في عمق الأراضي التي تسيطر عليها المليشيات الكردية وقوات " قسد "، ليصبح بذلك على مسافة قريبة من مدينة عين عيسى، ويبدو هذا المحور سريعا جدا، مقارنة مع محاور رأس العين، حيث ما زالت المليشيات الانفصالية تبدي مقاومة لليوم الخامس من خلال استخدام القناصين، مع تكبدها خسائر، اهمها باستهداف تجمع لها ادى لمقتل واصابة العشرات. 

المفاجئ هو سرعة انهيار المليشيات الانفصالية، حيث توقعنا ان تستمر معارك تل ابيض وراس العين وسلوك لأسابيع، خاصة وان تعداد جنود المليشيات الرسمي المعلن هو 80 ألف مقاتل، اكثر من 15 الف منهم تدربوا على يد الجيش الامريكي، ويعتقد ان السر في ذلك هو المعنويات المنهارة، خاصة مع انسحاب الامريكان من عين العرب (كوباني) والتي لها قيمة معنوية لدى المليشيات، مما اثار حالة هلع لديها، كما يدل سرعة الانهيار الى اعتماد المليشيات في معاركها السابقة على الدعم الجوي والمدفعي والاستخباراتي الامريكي الكثيف، بل يرجح ان قوات برية من التحالف كانت تشارك في المعارك البرية للمليشيات (مع ذلك تبقى المليشيات الانفصالية افضل تدريبا وخبرة من عصابات الاسد)

يعتقد ان الوطني سيقوم غدا بالتقدم باتجاه عين عيسى، وتواترت انباء عن نيته فتح محور جديد في ريف حلب الشرقي، كما تواترت انباء عن نية عصابة الاسد التقدم باتجاه منبج وعين العرب، مع اطلاق العصابة لاجندة "التصدي للعدوان التركي" لتقوم بتحويل الثورة الى صد عدوان، وامام هذا يعتقد ان ملف منبج سيصبح ساخنا في الايام المقبلة، مع ازدياد احتمالات تصادم الجيش الوطني ومليشيات الاسد، او حتى الجيش التركي وعصابات الاسد في تلك المنطقة، وقد يكون هذا ماتسعى اليه المليشيات الانفصالية (وضع عصابة الاسد وجها لوجه مع الجيش الوطني لمنع تقدمه). يذكرنا هذا السيناريو بسيناريو مابعد معركة الباب في عملية درع الفرات، حيث اوعزت روسيا لمليشيات الاسد بالتقدم شرق كويرس باتجاه نهر الفرات لمنع درع الفرات من التقدم جنوبا وشرقا، وبالتالي منع قطع امدادات المليشيات الانفصالية عن منطقة حلب وعفرين. 

سياسيا:
صدرت تصريحات امريكية بسحب 1000 جندي امريكي، دون تبيان طبيعة الانسحاب، ومن المهم متابعة هذا الأمر، فإن كان الانسحاب الامريكي كاملا من سوريا، فهذا يرجح فرضية ان هناك اتفاقا سريا بين بوتين وترامب على تسليم منطقة شرق الفرات لروسيا، واما ان كان الانسحاب الامريكي جزئيا، فهذا يرجح بأن امريكا تود الاحتفاظ بكرت شرق الفرات، للتفاوض مع روسيا حول نتائج الحل السياسي السوري.

من جانب آخر، استمرت مباحثات المليشيات الانفصالية مع الروس، حيث يبدو ان خطة روسيا السماح لتركيا ببدء عمل عسكري، لجذب قطعان المليشيات لطاولة المفاوضات الروسية، قد نجحت، حيث اسفرت المفاوضات على مايبدو عن صفقة شبيهة بصفقة جنوب سوريا، وهذا يعني عمليا ان المليشيات الانفصالية قد تخلت عن مشروعها بشكل كامل، وخانت قضيتها، بعد ان خدمت عصابات الاسد عمدا او جهلا. 

صحيح ان هذا الاستسلام سيمنح المليشيات بعض الوقت، من خلال لعب اخر اوراقها باستخدام مليشيات الاسد لمنع تقدم الجيش الوطني، لكن يبدو ان الصراع الان قد اخرج المليشيات الانفصالية من اللعبة، فمليشيات الاسد ستستخدمها قبل ان تقوم لاحقا بمحاسبة كل فرد منها على ماسماه المقداد "الخيانة". مع ذلك، فإن عدم انسحاب امريكا الكامل من شرق الفرات، يرجح بقاء المليشيات الانفصالية كلاعب في الملف السوري، بل وقد يهدد المخطط الروسي بالكامل.

اما فيما يخص ملف ادلب، فنعتقد انه اصبح هناك ترابطا لمصير منطقة شمال سوريا بالكامل (مع التركيز الان على منطقة شرق الفرات)، حيث تسعى روسيا الى تحجيم التواجد التركي في منطقة الشمال السوري ضمن اتفاقية اضنة، يعني هذا انه يتوجب على تركيا بحسب الخطة الروسية، التفاوض مع مليشيات الاسد لبقائها في الشمال ضمن اطار زمني ومكاني محدد. كما تسعى روسيا الان الى استخدام العملية التركية لحشد الدعم العربي والدولي لعصابة الاسد، حيث يعتقد ان زيارة بوتين للسعودية والامارات يراد من خلالها اقناع هذين البلدين باعادة الاعتراف بالعصابة، وحتى دعمه عسكريا لمواجهة الاتراك. 

في القريب سيتضح لنا، هل نحن امام مواجهة تركية- روسية غير مرغوبة ولكن لابد منها، ام تقوم تركيا بقبول الطلب الروسي باعادة العلاقات مع مليشيات الاسد؟!


التالي التالي
المشاركة السابقة المشاركة التالية
التالي التالي
المشاركة السابقة المشاركة التالية