-->

15‏/4‏/2019

جديد النظام السوري : خط بعثي موقع على الأنترنت للمخبرين لإرسال تقارير

فيديو منوعات   الأخبار    أسعار العملات   يوتيوب                       أسعار المحروقات   الأخبار العاجلة    برامج أندرويد 

جديد النظام السوري : خط بعثي موقع على الأنترنت للمخبرين لإرسال تقارير
خط بعثي
جديد النظام السوري : خط بعثي موقع على الأنترنت للمخبرين لإرسال تقارير


يبدو أن حزب "البعث" الحاكم في سوريا منذ نحو 56 عاماً، وجد طريقة "مبتكرة" لإبعاد صفة الخشبية والتحجر عنه وعن المنتمين إليه، بالاستفادة من التكنولوجيا الحديثة لتطوير أساليبه الروتينية في قيادة البلاد وتنفيذ مزيد من الاستغلال بحق السوريين. إذ بات في إمكان الرفاق البعثيين المخلصين، كتابة التقارير التي اعتادوا تسلميها باليد للقيادة المختصة، إلكترونياً عبر قوة الإنترنت، بالاستفاد منخدمة "خط بعثي" التي يقدمها موقع "البعث ميديا" الرسمي.

ونشرت صفحات تابعة لحزب "البعث" في "فايسبوك" إعلاناً عن الخدمة جاء فيه أن من لديه شكوى تتعلق بالحزب أو أحد الرفاق (أعضاء أو قياديين)، ويود إيصالها بسرية تامة إلى القيادة القطرية مباشرة، ما عليه إلا أن يدون شكواه مرفقة بمعلوماته الشخصية. مع الإشارة إلى أن المعلومات الشخصية المدونة "تخضع لمعايير حماية الخصوصية، ولا يتم تداولها من قبل أي طرف ثالث".

وفيما يبدو الإعلان ككل أشبه بنص مكتوب في جريدة "الحدود" الساخرة الشهيرة، إلا أن الواقع في سوريا الأسد يتخطى حدود الخيال والمنطق. فقد عمم نظام الأسد، منذ عقود، ظاهرة كتابة التقارير، عبر زراعة عملاء للأجهزة الأمنية في أنحاء البلاد، من أجل كتابة التقارير الأمنية، والتي أودت بكثيرين إلى معتقلات المخابرات، وكانت تلك الطريقة واحدة من خصائص الدولة البوليسية المروعة التي بناها حافظ الأسد واستكمل نهجها ابنه بشار.

ورغم أن الخدمة أطلقت العام 2014، إلا أن الحزب لم يقم بالترويج لها على نطاق واسع. ولهذا لم ينتبه السوريون لوجودها أصلاً، مع الانشغال العام في تلك الفترة بقضايا أكثر إلحاحاً حيث كانت البلاد تشهد تقلبات سياسية وعسكرية كبيرة، مع تراجع النظام حينها وظهور تنظيم "داعش" وسيطرة المعارضة على أجزاء واسعة من البلاد، قبل التدخل الروسي المباشر الذي قلب موازين القوى منذ العام 2015.

ويجب القول أن الإعلان البعثي عن الخدمة "المبتكرة" يفتقد للابتكار، وربما كان الأجدى تقديمه عبر إعلان مصور ليتم بثه عبر المحطات التلفزيونية وعبر مواقع التواصل الاجتماعي، كي يراه جميع الراغبين في الانضمام لجيش المخبرين الموجود أصلاً. وأن يأخذ صيغة مثل: "هل تريد ان تكون مخبراً؟ لا توجد شعبة بعثية قريبة من منزلك؟ تفضل السرعة على الانتظار؟ خطك سيء وتحب التكنولوجيا؟ لا تقلق يا رفيق، حزبنا المعادي لقوى الإمبريالية والعولمة يستخدم التقنية للصالح العام فقط، فاليوم بات بإمكانك استخدام "خط بعثي"! خدمة جديدة وخاصة نقدمها لك مجاناً. ما عليك إلا الدخول الى بوابة البعث ميديا الإلكترونية، إملأ الاستمارة المطلوبة، ليصل تقريرك فوراً إلى القيادات المختصة. لا تنسى ترداد الشعار في نهاية الطلب! والنصر لقضية شعبنا".

وطوال سنوات كانت عبارة "الحيطان إلها آدان"، جملة يعرفها أي سوري، منذ طفولته، للتحذير من الخوض في السياسة خوفاً من "كتّاب التقارير" المتعاملين مع مخابرات النظام. ولم يكن بالإمكان التعامل بأريحية أمام الغرباء أو في الأماكن العامة، وحتى في الجلسات الخاصة. فرغم أن بعض الأشخاص معرفون في مجتمعاتهم المحلية بأنهم "كتّيبة تقارير" إلا أنه لا يمكن الحكم على أحد بمجرد معرفته، ولا يمكن الثقة في أحد، وبالتالي من الأسلم الخضوع بصمت.

من هذا المستوى كان النظام يعمل على زرع الخوف لدى الشعب السوري، من النظام نفسه لأن العقوبات المروعة، من الاعتقال إلى الإعدام، تنتظر كل من تسول له نفسه التفوه بكلمة غير مرغوبة، كالتحدث بسوء عن شخص الرئيس أو أقاربه، أو إبداء اعتراض على سياسة الدولة أو التذمر من الأوضاع الاقتصادية، إلى الخوف من الآخرين، ما يخلق مجتمعات مفككة، يتربص بعضها ببعضها الآخر، وتسهل السيطرة عليها نظرياً، لأن المخبر يمكن أن يكون أي شخص: سائق التاكسي، الحلاق الثرثار، الزميل في الدائرة الرسمية، وحتى الصديق على مقعد الدراسة...
التالي التالي
المشاركة السابقة المشاركة التالية
التالي التالي
المشاركة السابقة المشاركة التالية